جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147889 مشاهدة
قراءة يس على الموتى

وقال: ( اقرءوا على موتاكم يس ) رواه النسائي وأبو داود .


قوله: (وقال: اقرءوا على موتاكم يس ):
هذا الحديث ضعفه بعضهم، ولكن يظهر أن له شواهد يتقوى بها، فيعمل ولكن بعض الجهلة يقرأها بعد الموت أو عند القبر، والصحيح أنها تقرأ قبل الموت ما دام فيه حياة، فيسمع ويفهم ويتعظ ويتذكر، فمحل قراءتها هو في آخر حياة ذلك المريض فيحضر القارئ ويقرؤها من حفظه أو من المصحف، لأن فيها بشرى، مثل قوله تعالى: قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس: 26، 27] .
وفيها أيضا قوله تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ إلخ الآية [يس: 55] ففيها هذه البشارة، فيقوى قلبه ويفرح بذلك ويتعلق قلبه بربه.
فقوله: اقرءوا على موتاكم، أي: على الذين في الموت، والذين قرب موتهم وظهرت عليهم أماراته، وهو مثل الحديث الذي قبله: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فكلا الحديثين في المحتضر، فإذا حضر أجله واقترب فإنه يلقن وتقرأ عليه هذه السور.
وبعض الجهلة حملوا الحديثين على غير المراد منهما، فأخذ كثير من الجهلة التلقين بعد الموت أو بعد الدفن، ورووا في ذلك أحاديث أو حديثا ضعيفا رواه الطبراني وذكره صاحب سبل السلام عند شرحه لهذا الحديث: إذا دفنتم الميت وسويتم عليه التراب فقفوا عند قبره وقولوا: يا فلان ابن فلانة فإنه ينتبه، ثم قولوا: يا فلان ابن فلانة فإنه يرفع رأسه، ثم قولوا: يا فلان ابن فلانة، فإنه يجلس، ويقول: أرشدنا أرشدك الله. إلخ الحديث .
ومن الغريب أن هذا الحديث راج على كثير من الجهلة، فصاروا يستعملون التلقين بعد الدفن، وأصبح يستعمل في كثير من البلاد الإسلامية، ففي الشام وفي العراق وفي أفريقيا.. وغيرها، يعملون بهذا الحديث مع أن الحديث ضعيف، حتى قالوا في آخره: يا رسول الله فإذا لم نعرف اسم أمه؟ قال: ادعه باسم أمه حواء. وكل ذلك دليل على غرابته فلا يعمل به، فالتلقين بعد الموت بدعة.
فائدة:
بعدما يتوفي ويتم موته يسن أن يسجى، ثبت عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته سجي في ثوب حبرة - أي: فيه خطوط- وتسجيته حتى تبرد أعضاؤه، ويجعل على بطنه زجاجة أو شيئا ليس بثقيل جدا حتى يمنعه من الربو، لكي لا ينتفخ بطنه، وبعد ذلك يسرعون في تجهيزه.